تقرير يرصد دينامية الهجرة المغرببة إلى فرنسا بين دوافع الاختيار وعوائق الاندماج
رصد تقرير حديث صادر عن “المجلس الأطلسي”، مركز تفكير أمريكي، تحت عنوان “دينامية الهجرة في حوض الأطلسي: دراسة حالة المغرب ونيجيريا”، أن “الهجرة المغربية إلى الخارج هي الأكثر كثافة من بين بلدان المغرب، سواء من حيث العدد أو من حيث بلد المقصد”، مشيرا إلى أن الهجرة الدولية بين المغاربة لا تزال ظاهرة ذكورية بامتياز، على الرغم من أن النساء بدورهن يهاجرن بشكل متزايد لأسباب عدة تتراوح من الدوافع الاقتصادية إلى التعليم ولم شمل الأسرة.
وسجل التقرير ذاته أن “الأسباب الاقتصادية لا تزال هي الدافع الرئيسي للمغاربة الباحثين عن الإقامة في الخارج”، موضحا أن المغاربة يظلون مرتبطين ومخلصين للبلدان المضيفة التقليدية في أوروبا، خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، باعتبارها الأكثر جاذبية بالنسبة للمهاجرين المغاربة، وفق ما أفادت به نتائج دراسة رسمية أنجزت في هذا الصدد.
وأوضح التقرير الذي أعده مركز التفكير الأمريكي “المجلس الاطلسي” بشراكة مع “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، أن “المهاجرين المغاربة يفضلون الوجهات ذات الإمكانات الصناعية والمراكز الاقتصادية الكبيرة، كما يميلون إلى السفر لمسافات قصيرة، خاصة إلى فرنسا وإسبانيا بسبب قربهما الجغرافي من المغرب”، لافتا إلى أن “إسبانيا لا تزال وجهة جذابة على الرغم من حاجز اللغة”، مشيرا أيضا إلى عوامل أخرى تفسر هذا التفضيل على غرار العوامل التاريخية، وتلك المرتبطة بسياسات الهجرة في هذه الدول التي عملت على جذب العمال ذوي المهارات المتدنية في قطاعات مثل البناء والزراعة.
واستعرض المصدر ذاته التحديات التي يواجهها المهاجرون المغاربة في أوروبا من خلال دراسة حالة فرنسا، موردا أن “الموجات الأولى من المهاجرين المغاربة وصلت إلى هذا البلد بعد عام 1945 كجزء من شراكات لتنقل العمالة، حيث كانت النوايا الأولية لهؤلاء المهاجرين هي العمل مؤقتا والعودة إلى المغرب بمجرد انتهاء عقود عملهم. ومع ذلك، قرر العديد من هؤلاء المهاجرين البقاء في فرنسا، حيث تمكنوا من إحضار أسرهم والاستفادة من سياسات الحماية الاجتماعية ولم شمل الأسر”.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن “المهاجرين المنحدرين من دول المغرب العربي في فرنسا، لديهم أدنى مستويات النشاط من بين جميع المهاجرين فيما يخص الاندماج في سوق العمل”، مضيفة أن “المهاجرين المغاربة يواجهون تحديات على هذا المستوى بسبب وضعهم كمهاجرين وخلفياتهم الثقافية وهويتهم الدينية أو العرقية، إذ تخلق هذه العوامل المتقاطعة حواجز أمام التوظيف، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوفهم وإعاقة اندماجهم في سوق العمل”.
وأحال التقرير على دراسة أجراها معهدان فرنسيان، أكدت بشكل لا لبس فيه “وجود تمييز كبير في سوق العمل الفرنسي ضد المرشحين ذوي الهوية المغاربية”، لافتا أيضا إلى أن “الحصول على سكن لائق يشكل تحديا للأفراد ذوي الخلفيات المهاجرة في فرنسا، رغم أن القانون يمنع على ملاك السكن رفض المستأجر على أساس أصله العرقي أو عمره أو جنسه أو ميوله الجنسية أو أي معيار آخر”.
وبين المصدر ذاته أن “التمييز ضد المهاجرين المغاربة في فرنسا لا يزال قائما في العديد من الجوانب، وبالتالي، من المهم الانخراط في نهج شامل يأخذ في الاعتبار الجوانب المختلفة لنموذج الاندماج الناجح دون أن يكون الهدف من ذلك هو محو الخصائص الثقافية للبلد الأصلي تماما”، مشيرا في هذا الصدد إلى “بعض الممارسات الناجحة في بلدان أخرى في حوض المحيط الأطلسي، على غرار التجربتين الأمريكية والكندية، اللتين أثبتتا أن لديهما نموذجا فعالا لإدماج المهاجرين”.
وخلص التقرير إلى أن الاندماج هو نتيجة جهد متبادل يشارك فيه كل من المجتمع المضيف والمهاجر، بدلا من إلقاء المسؤولية على عاتق المهاجر وحده، مشددا على أن “سماح البلدان المضيفة للمهاجرين بالحفاظ على ثقافتهم الخاصة مع استيعاب المعايير السلوكية للمجتمع المضيف، يؤدي إلى تشجيع المهاجرين على الوصول إلى أقصى إمكاناتهم في هذا الصدد وأن يكونوا مفيدين للبلدان المضيفة”.
تعليقات
إرسال تعليق