القائمة الرئيسية

الصفحات

شريط الاخبار

دلالات "رسالة ماكرون" في الصحافة الفرنسية .. عناوين متنوعة و"معالجة حذرة"

دلالات "رسالة ماكرون" في الصحافة الفرنسية .. عناوين متنوعة و"معالجة حذرة"

 دلالات "رسالة ماكرون" في الصحافة الفرنسية .. عناوين متنوعة و"معالجة حذرة"

قناعة فرنسية بدأت ترسَخ بأن مستقبل وحاضر الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية يمرّ، بالضرورة، عبر كونه مندرجًا تحت السيادة المغربية، لم تجسده فقط تصريحات جل السياسيين الفرنسيين، بل طيف واسع من الصحف والجرائد الفرنسية التي شكلت عناوينها ما يشبه “شبه إجماع” حول صواب قرار باريس دعم السيادة المغربية الكاملة والعمل “ترافعيًا” عنها إقليمياً ودوليا.

رغم أنها اشتركت في وصف القرار بـ”التحول والمنعطف الدبلوماسي” في علاقات البلدين، تنوعت عناوين الصحافة الفرنسية الصادرة الأربعاء 31 يوليوز، غداة رسالة ماكرون للملك محمد السادس، وحديثٍ رسمي، بحضور السفيرة المغربية سيطايل، لوزير الشؤون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، عن كون رئيس الجمهورية “حدد التوجهات والمسار بتأكيده أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”، مسجلا أن الأمر يتعلق بـ”قناعة فرنسا أيضا”.

عناوين متنوعة
“باريس تُدير خطابها لصالح المغرب بشأن الصحراء..”، هكذا عنونت يومية “لوموند” ذائعة الصيت، كاتبة أن “الدبلوماسية الفرنسية تبصم على منعطف وتحول في هذا الملف” ومبرزة أن “ماكرون مِن الآن يَعتبر أن خطة الحكم الذاتي التي تعتمدها الرباط هي «الأساس الوحيد» لحل النزاع”.

ولفتت “لوموند”، في مستهل مقال تحليلي حول الموضوع، إلى أن “هذه نقطة تحول في الدبلوماسية الفرنسية في المنطقة المغاربية تُخاطر بخلق توترات جديدة مع الجزائر”، معتبرة أن “باريس مُدرِكة الآن أن مخطط المغرب للحكم الذاتي للصحراء، الذي يعود تاريخه إلى عام 2007، هو الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، مذكرة بأبرز مقاطع الرسالة التي تدعم المخطط الذي تقدم به المغرب في 2007.

ولم يفت المنبر الإعلامي ذاته أن يخصص حيزا ضمن صفحاته لرصد أن “فرنسا، وهي تقترب من المغرب، في ظلال خطَر إثارة أزمة جديدة مع الجزائر”، على حد وصفها الذي زاد مستنتجاً بأنها رسالة تعني أنه “حان الوقت الآن للاضطراب مع الجزائر”، قبل أن تكشف: “وفقاً لمعلوماتنا تم الكشف مؤخرا عن وجود رسالة ماكرون للعديد من المجموعات الاقتصادية الفرنسية الرئيسية الحاضرة في المغرب”.

“لوفيغارو” بدورها عنونت على صدر الصفحة الأولى: “ماكرون يلعب مع المغرب ويفتح أزمة مع الجزائر”، مسجلة أنه “من خلال الانضمام إلى الرباط بشأن الصحراء يُعيد رئيس الدولة مَوْضعة نفسه دبلوماسياً على حساب الجزائر العاصمة، التي اتصلت بسفيرها في باريس”.

كما خصصت اليومية المذكورة افتتاحية للموضوع وتداعياته بعنوان “صاعقة فرنسية–جزائرية”، واصفة مفادَ رسالة ماكرون بأنه “هدية إلى ملك المغرب في ذكرى ربع قرن من الحكم”، نظرا لتزامن الرسالة مع احتفالات عيد العرش.

من جهتها تطرقت “ليبراسيون” إلى الموضوع في صفحاتها الداخلية، مختارة عنوانَ “الصحراء.. بعد سنوات (من السير) على الخيط، فرنسا تتزوج من المسار المغربي”، معلقة بأنه “في الدبلوماسية غالبًا ما يكون كل شيء مسألة كلمات”، حسب وصفها.

هذا بينما قالت “لوباريزيان” في عمود للأخبار المختصرة إن الموقف الفرنسي المتضمن في الرسالة يدشن “أزمة مفتوحة بين باريس والجزائر”، رابطة بينه وبين “التأجيل المتواصل لزيارة تبون المرتقبة إلى فرنسا”.

معالجة حذرة
قال حسن بلوان، محلل سياسي أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “هذا الموقف الشجاع والقوي للجمهورية الفرنسية، كما وصفه جلالة الملك في رسالة رسمية، اليوم، كان منتظَرا أنه سيخلّف ردود فعل قوية داخل فرنسا، وكذا خارجها”.

وتابع بلوان، مصرحا لهسبريس، بأن “الحماس الذي قوبلت به رسالة ماكرون في عدد من وسائل الإعلام الدولية والإقليمية لا يمكن أن ينسحب على وسائل إعلام فرنسية تظل محكومة بمحاولة الاستقلالية التحريرية، وتنأى عن الموقف الرسمي”.

المختص في العلاقات الدولية بيّن أن “معظم الصحف الفرنسية لم تتخلص من منطق الابتزاز تجاه الدول الإفريقية، خاصة تلك التي بدأت تخرج من عباءة فرنسا”، مبرزا أن “الموقف الجديد أحدث رجّة داخل الإعلام الفرنسي الذي تعاطى معه وحاول أن يومئ إلى أنه جاء تلبية لضغوط دبلوماسية مغربية تجاه قصر الإليزيه”، قبل أن يردف: “…على العكس من ذلك فما أعلنه ماكرون يعيد للذهن سيناريو مواقف دولية داعمة صراحةً لسيادة المغرب ووحدته الترابية الكاملة، وهو ما يُحسب لدبلوماسية مغربية حكيمة تعمل بمنطق النظارات الذي أعلنه الملك في أحد خطاباته في السنوات الأخيرة”.

من جانبه يرى محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش، أن “معظم صحف فرنسا مازالت متحفظة تجاه التعاطي مع رسالة ماكرون إعلاميًا، لأنها تبحث عن كيفية تمريرها مع الحفاظ على التقدير المتوازن المطلوب تحريرياً”.

نشطاوي رصَد في إفادات لهسبريس أنه “داخل عقلية الإعلام الفرنسي تشكل تصور أن نزاع الصحراء يتم حله وفق قواعد القانون الدولي، وتوصيات وقرارات مجلس الأمن، متناسيا أن فرنسا هي السبب في مشكل الحدود الشرقية للمغرب مع الجزائر وكذا الماضي الكولونيالي”.

وأكد المتحدث ذاته أن “رسالة ماكرون تطور مهم تضمن إشارة دالة إلى عمل رسمي فرنسي داخليا وخارجيًا على إقرار الدعم لمغربية الصحراء وسيادته وفق مبادرة الحكم الذاتي”، معتبرا أنه “من الخيارات المتوقعة عمل الدبلوماسية على تصحيح الخرائط الرسمية للبلاد، وتلك المنشورة عبر وسائل الإعلام باعتبارها ذات نهج حكومي رغم استقلالية الممارسة الإعلامية”.

واستحضر المحلل نفسه أن “مراهنة فرنسا على الجزائر، مؤخرا، فشلت في كسب ود الجزائريين نحو إقرار احترام الذاكرة الاستعمارية وقضايا مرتبطة بها، ما دفعها إلى توجيه بوصلتها نحو المغرب والتقارب معه”، مشددا على “حمولة رمزية القرار الرسمي الفرنسي في ذكرى غالية عند المغاربة -عيد العرش- ما يعطي تأثيراً أقوى للرسالة التي سيكون لها ما بعدها”.

تعليقات